dimanche 25 mars 2012

الموضوع الإنشائي الفائز بالمرتبة 1 في مسابقة حجاج الوطنية، صيغة النص

أهلا بكل الأحبة
إليكم الآن الموضوع الفائز بالمرتبة الأولى في صيغة النص.
وهو للتلميذة سارة الواعي، الثانية علوم فيزيائية،الثانوية التأهيلية الأمير مولاي رشيد، مشرع بلقصيري.
النص:
« يمتلك الرأي ما لا يمكن للمعرفة أن تصله لكي تعوضه. إنه يزيل بشكل خادع الهوة بين الذات العارفة وبين الواقع الذي ينفلت منها … لذلك، لا تكفي المعرفة ولا الممارسة التي تستهدف التحول الاجتماعي لأن توضح غياب معنى الآراء التافهة، والتي تحمل الإنسان على الانصياع لدراسات علم الطباع، ولتكهنات علم التنجيم المعيارية والمربحة تجاريا، من خلال ربطها من جديد بصور أبراج زودياك. لا يشعر الإنسان بنفسه على أنه من برج الثور أو برج العذراء لأنه غبي لدرجة الإذعان لما توعز به الجرائد، والتي توحي بأنه من العادي أن يعني ذلك شيئا، ولكن، ولأن هذه الصور والإرشادات البليدة هي من أجل فن العيش، فإنها تقتصر على النصح بما يجب أن يفعله على كل حال، وتسهل له – ولو كان ذلك بشكل ظاهري فقط – الاختيارات التي يجب القيام بها، وتخفف عنه مؤقتا شعوره بأنه غريب عن الحياة، بل غريب عن حياته الخاصة. إن قوة المقاومة التي يتمتع بها الرأي، تفهم من خلال وظيفته النفسية. فالرأي يمنح تفاسير بفضلها يمكن تنظيم الواقع المتناقض دون جعله متناقضا، ودون بذل مجهودات كبيرة. وينضاف إلى هذا، الرضا النرجسي الذي يمنحه إمكانية توظيفه في أي مكان، من خلال تعزيز الشعور لدى مؤيديه بأنهم كانوا دائما يعرفون مراميه، وبأنهم – تبعا لذلك – جزء من أولائك الذين يعرفون. »
حلل النص وناقشه
إجابة التلميذة:
الرأي هو إنطباع شخصي يكونه الفرد بناء على إدراكه الحسي المباشر ومن ثم فهو يعكس تجربة العامة والمشتركة بين الناس، ولذلك فهو ناتج عن تفكير أو تأمل عقلي ما يكون صحيحا  أو خاطئا. وهذا يعني أنه إذا كان صحيحا في بعض الأحيان يمكننا أن نبني عليه حقيقة ما تكون مفيدة لنا في الحياة. و من هنا يمكننا طرح التساؤلات الآتية: هل الرأي فعلا يحتل مكانة تعلو عن المعرفة ؟ وهل يمكن الدفاع عن الرأي باعتباره نمطا من أنماط الحقيقة ؟ وما هي طبيعة قوة المقاومة التي يتمتع بها الرأي في إنتاج المعرفة ؟
يشير صاحب النص في بدايته إلى أهمية الرأي و يجعله ذا مكانة مهمة عن المعرفة باعتبارها عاجزة أمامه، مع مساهمة الرأي في إزالة الفوارق التي تواجه الذات العارفة في فهم الواقع الذي تعجز عن فهمه. وكل هذا بشكل وهمي، بحيث لا تكفي لا المعرفة ولا الممارسة لأن تجد معنى للآراء التافهة التي بدورها تؤثر على الإنسان، وتدفعه ليبحث عن معانيها بشتى الوسائل والسبل. وجاء صاحب النص بمثال حي على ذلك، وهو خضوع الإنسان لدراسة علم الطباع أو بالأحرى التقلبات النفسية التي يعيشها الفرد، أو التأملات التي يمارسها شخص ما ويبني عليها معتقدات وآراء معيارية وقياسية فقط ولا علاقة لها بالواقع، أو ربما يحاول ربطها بصور أبراج زودياك، وذلك فقط لكي يغري الآخرين بآرائه؛ فمثلا عندما يعتقد إنسان ما أنه من برج الثور أو برج العذراء فإنه ينصاع لكل ما يعرض عنها في الجرائد أو المجلات أو القنوات الفضائية. ومع كل هذا فإن صاحب النص قدم استثناء مغزاه أن تلك الصور والآراء التافهة هي عبارة عن وسيلة تبين للفرد كيفية تعامله مع الواقع والتعايش معه، وربماتحمل في طياتها نوعا من النصح أو التخفيف من شعور الشخص بالغرابة. وقد أكد صاحب النص في فقرته الأخيرة على قوة  المقاومة التي يتمتع بها الرأي، مبرزا بذلك الوظيفة النفسية التي تلعبها الآراء في زرع الطمأنينة والأمل في الذات البشرية وتحريك سلوكها في الحياة. كما فسر لنا كيف أن الرأي قد  يساعد على تنظيم الواقع المبعثر والمختلف، وذلك دون بدل أي مجهود. فصاحب النص يمنح للرأي دورا مهما في التأثير على الشخص، مع إضافته  مثالا يتعلق ” بالرضا النرجسي ” الذي يؤدي بالشخص إلى التشدد للآراء والتعصب لها وتوظيفها حسب إراته، ويشعر بالافتخار عندما يجد من يقيم آرائه ويدافع عنها أو من يبني عليها معرفة ما.
لكن هل الرأي فعلا حسب صاحب النص يعلو على مكانة  المعرفة ؟ وهل يمكن الدفاع عنه باعتباره نمطا من أنماط الحقيقة ؟ وأخيرا هل يمكن أن نبني عليه معرفة ما ؟
هنا نجد أنفسنا بصدد مناقشة أطروحة صاحب النص بتبيان مدى تماسكها داخليا أولا ثم بمقارنتها بأطروحات مؤيدة ومعارضة ثانيا . والواقع أن حديث مؤلف النص عن الرأي من جهة وإعطائه مكانة تسمو عن المعرفة من جهة أخرى هو في الحقيقة أمر قابل للاعتراض عليه من عدة أوجه، ولعل أهمها هو أن الرأي عبارة عن تأمل عقلي فقط ، وتختلف طريقة التأمل  من شخص إلى أخرى حيث أنه يمكن لأشخاص أن يصدروا آراء لا معنى لها و هي معيارية فقط . و بذلك تبنى عليها الكثير من الآراء والمعتقدات السائدة، فمثلا نجد الكثير من الناس يسمعون كلمة ” عيشة قنديشة ” أو ” بعو” يرددون قائلين بسم الله الرحمان الرحيم، وهذا ما يبين مدى تمسكهم بهاته الآراء التافهة وفي الحقيقة لا معنى لها .
وإن مثل هذه الاعتقادات تقودنا إلى تقديم المواقف الفلسفية التي تعرض لنا وجهات نظر مختلفة لتلك التي وردت في النص. لكن قبل ذلك نعرض أولا لبعض المواقف التي تتقاطع مع ما جاء في النص ولعل أبرزها  موقف ليبنيتس وموقف فتجنشتين .
فبالنسبة للفيلسوف الألماني  ليبنيتس فهو يعتبر أن الرأي يلعب دورا مهما في تطوير المعرفة البشرية. وحسب قوله ” أن الرأي القائم على الاحتمال قد يستحق اسم المعرفة وإلا سوف يتم إسقاط كل معرفة تاريخية وغيرها من المعارف “. وهكذا يدافع ليبنيتس على الرأي القائم على الاحتمال ويعتبره معرفة يمكن الاعتماد عليها، فليس كل المعارف تمتلك  اليقين المطلق بل أغلبها يقوم على الاحتمال. والدليل القوي الذي يدعم به ليبنيتس موقفه هي تلك الآراء العلمية التي قدمها كوبرنيك،فرغم كونها مجرد احتمالات في حين إلا أنها شكلت فيما بعد ثورة علمية حقيقية في مجال العلوم، وهنا نجد أن ليبنيتس يلتقي مع صاحب النص الذي يعتبر هو الآخر أن للرأي مكانة مهمة في إنتاج المعرفة .
وفي نفس السياق نجد موقف الفيلسوف فتجنستين الذي يؤمن بأن هناك آراء تكتسي صبغة الحقيقة. ويدافع على حجته على أن هناك آراء واعتقادات نؤمن بها دون أن نبرهن عليها عن طريق الاستدلال أو التجارب العلمية، بل هي حقائق ترسخت لدينا كمعارف في اللغة التي نتعامل بها ونحن صغار. وبهذا فإن الفيسوف فتجنشتين يدافع عن فكرة صاحب النص ويعززها ويضيف عليها بعض الأشياء. ونستنج من ذلك أن كلا الموقفين يشتركان في أمر هو أنهما يقيمان الفكرة السابقة التي تلتقي في التأكيد على المكانة التي يحملها الرأي وإعادة الاعتبار له بعدما ما تم تبخيسه. فهل يمكن تقديم مواقف فلسفية تقول بخلاف ذلك؟
يمكننا أن نقدم هنا موقف أفلاطون الذي يرى أنه ينبغي تجاوز الرأي للوصوإلى الحقيقية. وهو بفكرته هذه يخالف أطروحة النص، ويقول أنه ينبغي الارتفاع إلى عالم المثل من أجل إدراك  الحقائق اليقينية والمطلقة. أما الحواس حسب أفلاطون فلا تمدنا سوى بالظلال أو الأوهام، والتي هي مجرد أشباه حقائق أو آراء ظنية صادرة عن عامة الناس .
وفي نفس السياق نجد موقف الفيلسوف باشلار الذي يقول لصاحب النص أن الرأي يعتبر عائقا أمام الوصول إلى الحقيقة، إذ لا يمكننا حسب باشلار أن نبني حقيقة ما على الرأي. فللوصول إلى الحقيقة العلمية يجب التخلي عن الرأي الذي هو دائما على خطأ، ويفكر تفكيرا سيئا.
هكذا نخلص في الأخير إلى أن هناك من الفلاسفة من تحدثوا على أهمية الرأي في الحياة اليومية للناس وفي تأثيره النفسي في ذواتهم وسلوكاتهم، إلا أن هناك فلاسفة استبعدوا الرأي واعتبروه عائقا يمنعنا من الوصول إلى الحقيقة. ويبدو أن أهمية الرأي ومكانته تختلف حسب المجالات المعرفية التي نتواجد فيها، كما يوجد تداخل بينه وبين الحقيقة ويصعب الفصل بينهما. فما هو المعيار الذي من شأنه أن يجعلنا نتعرف على الحقيقة ونميزها عن الخطأ والباطل والوهم ؟